أحدثت السيارات ذاتية القيادة ثورة ليس لها مثيل في عالم السيارات، ففكرة أن السيارة قادرة قيادة نفسها دون تدخل السائق كانت في الماضي تعد ضرباً من الخيال، وتحولها للحقيقة أحدث صدمة في كل أنحاء العالم، ولكن على الرغم من أهمية هذه التكنولوجيا وحداثتها، إلا أن استخدامات السيارات ذاتية القيادة لا يزال محدوداً ولم تشهد انتشار واسع لها في المحافل العالمية، على عكس ما كان يتوقعه العديد من الخبراء، فما هي تحديات السيارة ذاتية القيادة وما هي الأسباب التي أدت إلى الحد من انتشارها؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقال اليوم.
معلومات عن السيارة ذاتية القيادة
قبل الحديث عن تحديات انتشار السيارات ذاتية القيادة دعونا نتعرف على السيارة ذاتية القيادة من قرب وفهم مبدأ عملها، فالسيارات ذاتية القيادة تعد واحدة من أكثر الأنظمة المعقدة في عملها فهي تعتمد على كاميرات ومستشعرات لقراءة البيئة المحيطة بها بشكل شبه كامل ليقوم كمبيوتر السيارة بعدها بتحديد السرعة والوقت المناسب للكبح وجميع الأمور التي يقوم بها السائق أثناء القيادة، مما يجعلها قادرة على قيادة نفسها بشكل كامل.
تحديات السيارة ذاتية القيادة
كما أسلفنا بالذكر سابقاً، فعلى الرغم من أهمية تكنولوجيا السيارات ذاتية القيادة، إلا أن هذا النوع من السيارات لا يزال محدود الانتشار ولم يصل إلى كافة الأسواق العالمية بعد ويعزى ذلك للعديد من الأسباب، لعل أبرزها:
كفاءة القيادة ومستوى والسلامة
على الرغم قدرة هذه السيارات على قيادة نفسها بنفسها إلا أن نسبة الخطأ تبقى واردة في بعض الحالات والظروف، فعلى سبيل المثال تتعامل هذه السيارات مع التجمعات المائية البسيطة غير المؤذية على أنها أمر خطر وتبطئ من سرعتها دون أي سبب. أما من جهةٍ أخرى فقد تتعامل السيارات ذاتية القيادة مع الحالات الخطرة بشكل خاطئ، ففي حال هطول الأمطار وتشكل الضباب يحصل تشويش على المستشعرات والكاميرات التي تعطي وصفا لأحوال الطريق والتي هي أساس عملية القيادة الذاتية وهذا بدوره سيجعل كمبيوتر السيارة يصدر قرارات خاطئة قد تؤدي إلى حوادث مرورية. علاوة على ذلك، علينا أن نأخذ في الحسبان المشاكل التي قد تحصل لتطبيقات الدعم الأخرى، مثل خرائط Google الذي تعتمد عليه السيارات الذكية بشكل مباشر في عملها، ففي حال حدوث أي خلل في هذا التطبيق سيتسبب ذلك بحادث مروري بكل تأكيد. إذا فكرنا بتمعن بهذه المسألة سنجد أن مستوى الأمان في هذه السيارات ليس ثابتاً، فتقلب جوي بسيط سيجعلها غير آمنة.
اختراق السيارات ذاتية القيادة
تعمل جميع السيارات ذاتية القيادة وفق قواعد وأوامر يتم برمجتها عليها لاتخاذ القرارات السليمة أثناء القيادة، ولكن هل سألت نفسك يوماً ماذا سيحصل لو استطاع أحد التلاعب في برمجيات هذه السيارة واختراقها وما هي النتائج المترتبة على ذلك؟ هذا ما قام به بالفعل اثنان من الباحثين الأمنيين، هما شارلي ميلر وكريس فالاسيك، حيث حاولا خلال تجربة عملية اختراق أنظمة سيارة جيب شيروكي واستغلال نقاط الضعف في هذه السيارة، وبالفعل نجح هذا الفريق في جعل السيارة تنحرف عن مسارها أثناء القيادة الذاتية، وهذا شكل صدمة حقيقية فمن الممكن أن يتم اختراق السيارات ذاتية القيادة والتسبب بكوارث حقيقية.
ارتفاع اسعار السيارات ذاتية القيادة
تعتمد السيارات ذاتية القيادة على الذكاء الاصطناعي بشكلٍ كبير وكما نعلم جميعاً فإن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التصنيع يتطلب مبالغ مالية ضخمة، وهذا ما انعكس بالفعل على السيارات ذاتية القيادة، لأن ذلك أجبر الشركات المصنعة على طرح هذه السيارات في السوق بأسعار مرتفعة، الأمر الذي يجعل من اقتنائها أمراً صعباً ومقتصراً على الفئة الغنية من المجتمع، وهذا بكل تأكيد سيعيق انتشار السيارات ذاتية القيادة.
معضلة أخلاقية
للأسف تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لا تتخذ قراراتها بناءً على ضوابط أخلاقية مثل البشر، فهي عبارة عن آلات تنفذ الأوامر التي تمت برمجتها عليها مهما كانت التكلفة، وما نعنيه بالمعضلة الأخلاقية مرتبط بشكل كامل بالقرارات التي ستتخذها السيارة في حالات الطوارئ، على سبيل المثال في حال وجود احتمالية لاصطدام المركبة بأي جسم أمامها ستقوم المركبة بالانحراف في أحد الاتجاهات سعياً منها لحماية الركاب من خطر التصادم، لكن ماذا لو كان هناك عربة أطفال في الجهة التي ستنحرف لها المركبة! هل ستستطيع تمييز عربة الأطفال واتخاذ قرار سليم يحمي الطفل، وهل ستضع المركبة في اعتبارها حياة الناس الآخرين في الطريق أم أن مسؤوليتها هو حماية الركاب الذين في داخلها بصرف النظر عن أي مشكلة قد تحدث لمن هم خارجها! هذا ما يسمى بالمعضلة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي.
تحاول العديد من شركات تصنيع السيارات ذاتية القيادة ابتكار طرق للتغلب على المعضلات الأخلاقية التي تواجهها، وتبعاً لذلك ظهر لأول مرة مصطلح الآلة الأخلاقية “Moral Machine” الذي يهدف إلى عمل بحث شامل لمحاكاة السيناريوهات المختلفة التي من الممكن أن تتعرض لها السيارة على الطرق.
مسؤولية الحوادث
أحد أهم عوائق انتشار السيارات ذاتية القيادة هي عدم وجود صيغة قانونية للتعامل مع الحوادث المرورية التي قد تتسبب بها السيارات ذاتية القيادة، فالحوادث المرورية التي تحصل أثناء قيادة السيارة لنفسها لا تتحمل مسؤوليتها الشركة المصنعة للسيارة، وإنما يتم تحميلها لسائق المركبة الذي لا يقود السيارة بالفعل، والسبب الرئيسي في الحادث هو قرار خاطئ اتخذته المركبة أثناء القيادة.
إن عدم تحمل مسؤولية الحوادث من قبل الشركات المصنعة للسيارات ذاتية القيادة خلق حالة من الخوف والهلع عند كل من يطمح باقتناء واحدة من هذه السيارات.
قدمنا لك عزيزي القارئ شرحاً لأهم تحديات السيارة ذاتية القيادة التي حدت من انتشارها، نتمنى أن تستمتع في قراءة هذا المقال، وننصحك بقراءة كل ما هو جديد من مقالات على مدونة السيارات من دوبيزل.