ربما كان مفهوم السيارات التي تعمل بالكهرباء بمثابة خيال أو حلم في السابق، إلا أن انتشار السيارات الكهربائية أصبح حقيقة واقعة اليوم بعد انطلاق السيارات الكهربائية نتيجةً للثورة الصناعية التي أودت إلى التطورات التقنية العظيمة التي نلمسها في مختلف مجالات حياتنا في هذه السنوات، إلى جانب ذلك؛ فلقد كانت بداية السيارات الكهربائية متزامنة مع البحث عن حلول قابلة للتطبيق في وجه التهديد الذي يلوح بالأفق فيما يتعلق بتغير المناخ واستنفاد الموارد، وبناءً على طرح وتداول فكرة السيارات الكهربائية منذ سنوات طويلة تصل لقرون من الزمن؛ فلقد مر تاريخ السيارات الكهربائية بفترات متلاحقة من التطوير على المركبات وصولاً إلى إنتاج اول سيارة كهربائية في العالم وتوالى الإنتاج من بعدها حتى وصلنا إلى مرحلة انتشار السيارات الكهربائية في عصرنا الحديث.
بالحديث عن هذا الأمر؛ فقد تراود أياً منّا رغبة في الاطّلاع على تاريخ السيارات الكهربائية ومعرفة متى انطلقت اول سيارة كهربائية في العالم وما هي المراحل التي مرّ بها تاريخ صناعة السيارات الكهربائية منذ انطلاقها حتى اليوم، لذا؛ فإننا نقدم في هذا المقال نظرة شاملة على تاريخ السيارات الكهربائية بتفصيل يبدأ من الانطلاقة حتى محطة الوصول الأخيرة اليوم.
تاريخ السيارات الكهربائية
في وقت كانت تستخدم فيه الخيول والعربات كوسائل نقل رئيسية أثناء القرن التاسع عشر؛ كانت العديد من العقول النيّرة في العالم تفكر في صنع سيارات كهربائية صغيرة الحجم، ومن هنا كانت بداية السيارات الكهربائية التي برزت معها المصطلحات التقنية في السيارات الكهربائية، دعنا نتتبع تالياً تاريخ السيارات الكهربائية وتطورها بالسير على خط الزمن منذ البداية:
السيارات الكهربائية بين 1830 – 1880
شهدت الأعوام 1830-1839 قيام المخترع الاسكتلندي “روبرت أندرسون” باختراع العربة الآلية مستخدماً بطارية تعمل بواسطة النفط الخام لإنتاج الكهرباء، ويمكن التخلص منها عند نفاد الشحن، إذ كانت هذه السيارة تعمل بشحنة واحدة دون أن تكون قابلة لإعادة الشحن آنذاك، كما كانت تسير بسرعة 12 كيلومتراً في الساعة، وبناءً على ذلك؛ يمكن القول إنها كانت اول سيارة كهربائية في العالم.
توالت بعدها التطويرات على فكرة السيارة الكهربائية كان أولها في العام 1842 بواسطة المخترعان “توماس دافينبورت” و”سكوتسمان روبرت ديفدسون” اللذان تمكّنا من اختراع سيارة كهربائية أخرى لتكون أكثر كفاءة وعملية وأكثر نجاحاً، وعلماً بأنها كانت تعتمد بطاريات كهربائية غير القابلة لإعادة الشحن؛ إلا أنها كانت قادرة على قطع مسافة أطول من سابقتها.
القفزة الكبيرة 1881 – 1900
شهد تاريخ السيارة الكهربائية منعطفاً مهماً في العام 1881 حينما تمكّن المخترع الفرنسي “غوستاف تروفي” من ابتكار سيارة كهربائية تعمل اعتماداً على بطاريات الرصاص الحمضية القابلة لإعادة الشحن مستفيداً بذلك من اختراع الفيزيائي الفرنسي “جاستون بلانت” الذي اخترع هذه البطاريات في العام 1859، الأمر الذي جعل ميزة إعادة شحن البطاريات متاحة في السيارات الكهربائية الوليدة حينها، ولقد صمّم تروفي هذه العربة الكهربائية بثلاث عجلات ومحركين، ما جعلها قادرة على قطع مسافة تتراوح بين 14 و26 كم بالشحنة الواحدة.
العام 1899 شهد إطلاق شركة بورش للسيارات أول سياراتها وهي سيارة “ايجر لونر” التي تعرض أيضاً باسم “P1”، ولقد كانت سيارة كهربائية بالفعل؛ إذ كانت تعمل بواسطة بطارية تولد قوة تتراوح ما بين 3 إلى 5 أحصنة وسرعة تصل إلى 35 كم، وكان وزنها 130 كغ فقط، لتصبح بورش بذلك اول شركة سيارات كهربائية في العالم.
كما تمكّنت “الشركة الدولية لنقل المحركات الكهربائية” في بلجيكا من صنع أول مركبة برية كهربائية قادرة على قطع مسافة 100 كم ذات العام، ولقد أطلق على هذه السيارة اسم ” La Jamais Contente” الذي يعني “أبداً سعيد” بالعربية، وكانت المركبة مزودة بهيكلٍ وبطاريات من سبائك خفيفة على شكل طوربيد.
الرواج والانتشار (1880-1914)
انتشرت السيارات الكهربائية على حساب السيارات البخارية وسيارات الوقود في هذه الفترة من تاريخ صناعة السيارات الكهربائية، ويعزى ذلك لعدة أسباب، منها:
- صديقة للبيئة
- لا تتطلب عمليات صيانة كثيرة
- السرعة في الاستخدام، عكس سيارات الوقود والبخار التي تتطلب وقتاً
- هادئة ومريحة
أصبحت السيارات الكهربائية ذات شعبية كبيرة في مناطقها إلى جانب انتشارها في بعض الدول المجاورة، وهذا ما أدى إلى نمو الطلب على السيارات الكهربائية وفتح فصلاً جديداً من تاريخ السيارات الكهربائية الحديثة آنذاك.
الفترة المظلمة (1914-1970)
أدّى ظهور حقول نفطية جديدة في العالم ضمن هذه الفترة إلى انخفاض أسعار الوقود؛ إذ أصبح الوقود متاحاً بوفرة وبأسعار قليلة؛ الأمر الذي دفع صنّاع السيارات إلى الانتقال لصناعة سيارات الوقود بدلاً من السيارات الكهربائية في تلك الفترة، وفي الوقت الذي كانت ترتفع فيه أسعار السيارات الكهربائية؛ كانت سيارات الوقود في المقابل بمثابة عرضٍ مغرٍ يقدم سيارات حديثة بأسعارٍ منخفضة.
استمرت محاولات الترويج للسيارات الصديقة للبيئة؛ فبالرغم من الإنتاج الضخم لسيارات الوقود والزيادة الكبيرة في الطلب عليها؛ كانت قد أصدرت شركة جنرال موتورز في العام 1966؛ سيارتها الكهربائية النموذجية “الكتروفير” استنادًا إلى طراز “كورفير” الذي أصدرته في العقد الستين من القرن الماضي، ولقد عملت “الكتروفير” بواسطة حزمة بطارية من الفضة والزنك يمكنها توصيل 532 فولت، ومع ذلك، فإن “الكتروفير” لم تحقق إنتاجاً أو طلباً كبيراً في مقابل الإنتاج والطلب الضخم على سيارات الوقود ومحركات الاحتراق الداخلي، وهو ما أدّى إلى إبطاء عملية ابتكار السيارات الكهربائية في حينها.
العودة للواجهة (1970 – 1996)
ساهمت عوامل عدة في إحياء تاريخ السيارات الكهربائية مرة أخرى بحلول السبعينيات؛ إذ عادت موارد النفط العالمي إلى الانخفاض ووصل البترول إلى أعلى مستوى سعر له على الإطلاق آنذاك في عام 1973؛ الأمر الذي أسهم في إعادة توجيه الاهتمام نحو السيارات الكهربائية إلى حدٍ ما في مقابل سيارات الوقود التي أصبحت مهيمنة على المشهد وقتئذ.
كما كان للمركبة القمرية الكهربائية بالغ الأثر في عودة الاهتمام بالسيارات الكهربائية بعد أن أعلنت “وكالة الفضاء – ناسا” عن المركبة بوصفها أول مركبة مأهولة تتحرك على القمر، وبالرغم من عودة اهتمام الشركات المصنعة بإنتاج السيارات الكهربائية؛ إلا أنها لم تُحدث وقعاً كبيراً في الأسواق العالمية نظراً لأدائها ومداها المحدود وسعرها المرتفع في ذلك الوقت، إلا أن محاولات التغلب على هذه القيود ظلت مستمرة من قِبل صناع السيارت بغية إنتاج سيارات كهربائية اعتماداً على بطاريات بجودة أفضل لتكون قادرة على منافسة سرعة ونطاق السيارات التي تعمل بالوقود، وفي العام 1996؛ كانت قد طّورت “جنرال موتورز” أول سيارة كهربائية حديثة باسم “EV1” وهي التي تعتبر اول سيارة كهربائية في العالم يتم تصنيعها بكميات كبيرة في العصر الحديث بواسطة علامة تجارية كبرى للسيارات.
وكان نوع الهيكل على شكل الكوبيه المكوّن من مقعدين هو الأنسب لطبيعة السيارة حيث أتاح مساحة للبطاريات الكبيرة التي مكّنت المحرّك من إنتاج قوة جيدة تبلغ 137 حصانًا، وسرعة قصوى تصل إلى 129 كيلومترًا في الساعة.
السيارات الكهربائية في العصر الحديث
في عام 2003؛ تأسست شركة تسلا للسيارات لتكتب فصلاً جديداً من تاريخ السيارات الكهربائية الحديث؛ إذ دخلت سياراتها الأولى حيز الإنتاج في عام 2008 لتصبح الشركة واحدة من أكبر الشركات الرائدة في تاريخ صناعة السيارات الكهربائية المتطورة والمتقدمة، ولقد كانت سيارة “تسلا رودستير” تحديداً؛ اول سيارة كهربائية في العالم تستخدم بطاريات ليثيوم أيون، واول سيارة كهربائية في العالم تمتلك القدرة على قطع مسافة 320 كم في الشحنة الواحدة، وتحقيق سرعة قصوى مذهلة تبلغ 200 كم /ساعة.
أما العام 2010؛ فقد شهد إطلاق شركة نيسان أول سيارة كهربائية بالكامل وبدون انبعاثات من أنبوب العادم وهي سيارة “نيسان ليف” التي تم تجهيزها ببطاريات ليثيوم أيون 24 كيلو وات في الساعة لتكون قادرة بذلك على الوصول إلى سرعة قصوى عند 150 كم /ساعة.
كما ازدادت حدة المنافسة في العام نفسه بإطلاق شركة شيفروليه لسيارة بولت الكهربائية بالكامل مع بطارية ليثيوم أيون بقدرة إجمالية تصل إلى 60 كيلو وات، وسرعة قصوى تصل إلى 145 كيلومترًا في الساعة، ومدى قيادة يزيد عن 200 ميل بالشحنة الواحدة.
توالت السنوات بعد ذلك وصولاً إلى نهضة كبيرة من الابتكارات في تاريخ السيارات الكهربائية وبدأت أغلب شركات السيارات في تصنيع السيارات الكهربائية بجميع أنواعها عاماً بعد آخر، ولقد أسهمت المزايا الإيجابية الكثيرة التي تشتمل عليها السيارات الكهربائية الحديثة؛ في ازدياد الطلب على هذه السيارات، كما أدّى التركيز العالمي على السيارات الصديقة للبيئة وأثرها الإيجابي؛ دورًا كبيراً في صعود السيارات الكهربائية على مستوى العالم، وتقديم شركات تصنيع السيارات الرائدة سلاسل من خيارات السيارات الكهربائية بالكامل بمواصفات حديثة، وبات يُنظر إلى السيارات الكهربائية اليوم على أنها إجراء مهم لمواجهة التغيّر المناخي في العالم ومعالجته، إلى جانب آثارها الإيجابية وفوائدها الأخرى بالنسبة للبيئة والمستخدمين.
بهذا نكون قد قدمنا لك في هذا المقال معلومات شاملة عن تاريخ السيارة الكهربائية عبر سيرنا على خط الزمن منذ بداية السيارات الكهربائية حتى يومنا الحاضر، إليك هذا المقال الذي يستعرض قائمة من السيارات الكهربائية في الإمارات للعام 2022، وإذا كنت ترغب في الحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الشيّقة عن عالم السيارات؛ فإننا ندعوك لتفقد مدونة دوبيزل للسيارات والبقاء على اطّلاع بكل جديد.