قال المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك، إنه لا توجد حدود ولا توجد كلمات يمكنها أن تصف الأهوال التي تتكشف أمام الأعين في غزة، وأن أكثر من 100 ألف شخص قد قتلوا أو أصيبوا في غزة منذ أوائل أكتوبر الماضي وأن واحدا تقريبا من بين كل 20 طفلا وامرأة ورجلا يموت أو يصاب الآن.
وأكد تورك في كلمته، اليوم الخميس، ضمن الحوار التفاعلي بمجلس حقوق الإنسان المنعقدة دورته الخامسة والخمسين حاليا بجنيف، أن ما حدث ويحدث في غزة هو مذبحة، مشيرا إلى أن ما لايقل عن 17 ألف طفل قد تيتموا أو انفصلوا عن أسرهم في حين سيحمل كثيرون آخرون ندوب الصدمات الجسدية والعاطفية مدى الحياة في الوقت الذي أصبح عشرات الآلاف من الأشخاص في عداد المفقودين ويفترض أن العديد منهم مدفونون تحت أنقاض منازلهم.
ولفت إلى أن الرد الاسرائيلي على هجمات 7 و8 أكتوبر – التي كانت صادمة وغير مبررة، كان وحشيا وكذلك المستوى غير المسبوق من قتل وتشويه المدنيين في غزة بما في ذلك موظفو الأمم المتحدة والصحفيون والأزمة الانسانية الكارثية الناجمة عن القيود المفروضة على المساعدات الانسانية وتهجير ما لا يقل عن ثلاثة أرباع السكان عدة مرات في كثير من الأحيان والتدمير الهائل للمستشفيات وغيرها من البنية التحتية المدنية – وفى كثير من الحالات التدمير المنهجي لأحياء بأكملها مما يجعل غزة غير صالحة للعيش الى حد كبير، مؤكدا أنه حان الوقت للسلام والتحقيق والمساءلة.
وقال إنه على مدى 56 عاما من الاحتلال الإسرائيلي فرضت أنظمة سيطرة تمييزية للغاية على الفلسطينيين لتقييد حقوقهم بما في ذلك الحق في التنقل مما كان له تأثير كبير على المساواة والسكن والصحة والعمل والتعليم والحياة الأسرية في الوقت الذي أدى الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 16 عاما إلى إبقاء معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة في الأسر فعليا وتدمير الاقتصاد المحلي وأصبح الوضع اليوم أسوأ بما لايقاس.
وتابع أن التقرير المقدم إلى المجلس يجعل قراءته مؤلمة للغاية، ولفت إلى أن إسرائيل أسقطت أطنانا من الذخائر على غزة بما في ذلك الاستخدام المتكرر للأسلحة المتفجرة ذات الآثار واسعة النطاق والتي تطلق موجة انفجارية هائلة من الضغط العالي قد تؤدى إلى تمزق الأعضاء الداخلية، بالإضافة إلى مقذوفات متشظية وحرارة شديدة لدرجة أنها تسبب حروقا عميقة وقد تم استخدامها في أحياء سكنية مكتظة بالسكان، مشيرا إلى أنه رأى في مستشفى العريش في مصر في نوفمبر الماضى أطفالا وقد احترقت أجسامهم مؤكدا انه لن ينسى ذلك أبدا.
وقال المفوض السامي إن مكتبه سجل وعلى مدى الأشهر الخمسة الماضية من الحرب العديد من الحوادث التي قد ترقى إلى جرائم حرب من قبل القوات الإسرائيلية فضلا عن مؤشرات على أن القوات الإسرائيلية شاركت في استهداف عشوائي أو غير متناسب ينتهك القانون الإنساني الدولي في الوقت الذي ينتهك إطلاق الجماعات الفلسطينية المسلحة للقذائف العشوائية عبر جنوب إسرائيل وحتى تل أبيب أيضا القانون الإنساني الدولي شأنه في ذلك شأن استمرار احتجاز الرهائن.
وأضاف أن الحصار المفروض على غزة يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي وقد يرقى إلى مستوى استخدام التجويع كوسيلة للحرب وكلاهما إذا ارتكب عن عمد يشكل جرائم حرب، ولفت إلى أنه يحذر وبوضوح من أن احتمال شن هجوم بري إسرائيلي على رفح من شأنه أن ينقل الكابوس الذي يعيشه الناس في غزة إلى بعد جديد مرير وذلك بعد أن لجأ أكثر من 1.5 مليون شخص إلى رفح.
وقال إن من شأن الهجوم البري أن يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح، ولفت إلى أنه لا يستطيع أن يرى كيف يمكن لعملية مثل الهجوم على رفح أن تكون متسقة مع التدابير المؤقتة الملزمة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، ودعا جميع الدول ذات النفوذ إلى بذل كل ما في وسعها في حدود سلطتهم لتجنب مثل هذه النتيجة.
وقال تورك إن ما يزيد عن 7 آلاف فلسطيني قد تم اعتقالهم تعسفيا منذ 7 أكتوبر في الضفة الغربية المحتلة كما يوجد حوالي 9 آلاف محتجز حاليا باعتبارهم سجناء أمنيين منهم أكثر من 3400 رهن الاحتجاز الإداري دون تهمة أو احتمال تقديمهم للمحاكمة إضافة إلى ما لا يقل عن 606 محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي.
وشدد المفوض السامي على أن إبقاء الفلسطينيين وحقوقهم في عزلة بعيدا عن الأنظار وبعيدا عن العقل لم ينجح منذ 56 عاما ولن ينجح أبدا- مشيرا إلى أن التحدي الأساسي لبناء السلام هو أن يرى الجميع ويفهموا إنسانية الأخر بشكل كامل والتغلب على العقليات التي نقشتها أجيال من الأذى والغضب.