تخطى إلى المحتوى

«الأرض تستغيث».. صرخات لا يسمعها أحد

وائل أبو المجد: العملية التفاوضية لم تسفر عن تحقيق المطالب المشروعة للدول النامية
مدير التنوع الأحيائى بالسعودية: خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول 2030
مسئول بـ«البيئة»: الأزمات الكوكبية الثلاث تهدد الحياة على كوكب الأرض
وزارة الزراعة السودانية: 80% من المشاريع الزراعية مهددة بسبب الحرب و120 مليار دولار خسائر اقتصادية
عالم نووى: كافحنا فقدان التنوع البيولوجى بدعم 200 مشروع فى مجالات مختلفة
معهد الهندسة الجيوتقنية بـ«هانوفر»: 40% من أنواع الحشرات فى العالم مهددة بالانقراض
منذ القرن التاسع عشر وكوكب الأرض يعانى جراء سوء استخدام الإنسان للموارد والتقنيات الحديثة، ما أدى إلى تهديد الحياة بشكل عام، ومنذ سنوات يطلق الكوكب إنذارات تنبه إلى ضرورة الاستجابة لتلك الاستغاثات التى تحذر من مخاطر تلويث البيئة.

ويعانى الكوكب بكل مكوناته بشرا كانوا أو حيوانات أو نباتات من خطر يهدد وجودهم ويغير التنوع البيولوجى، ورغم انعقاد 28 قمة عالمية للمناخ إلا أن توصياتها تظل حبيسة الأدراج دون أى ملامح لخطة زمنية لإنقاذ الأرض.

ويرى مساعد وزير الخارجية للشئون القانونية الدولية والمعاهدات السفير وائل أبو المجد، أن صون التنوع البيولوجى وسلامة النظم البيئية أمر ضرورى، والآن أصبح العالم لديه وعى كامل بقضية تغير المناخ، مؤكدا ضرورة التكاتف من أجل تلك الجهود الدولية والأطراف المنعقدة لمواجهتها وعدم استغلال أى ظروف طارئة وقتية للتنصل من التعهدات لتغيير هذه الأولويات، والتراجع عن تنفيذها، فضلا عن اعتماد مصطلح «العيش فى وئام مع الطبيعة» من خلال التكيف وتطبيق أساليب التخفيف للحد من آثار المناخ.

أضاف أبو المجد لـ«الشـروق»، أن مواجهة التغيرات المناخية ليس بالأمر السهل، ولكى نعيش مع وئام الطبيعة لابد من توفير شروط تمويل كبرى تقدر بتريليونات الدولارات، فيما تبلغ تكلفة خسائر وأضرار التغير المناخى عشرات المليارات سنويا وآخذة فى التزايد.

وكشف أن العملية التفاوضية حتى الآن لم تسفر عن تحقيق المطالب المشروعة للدول النامية، فلا زالت المطالبات تصدر للجميع بخفض انبعاثاتها، كما أن توفير الدعم المالى ضعيف جدا، وبلغت تكلفة الدعم المالى الرسمى من الدول المتقدمة عليها أن توفر 100 مليار دولار، ورغم ذلك لم يتحقق هذا المطلب حتى الآن، فيما أوضحت منظمة الأمن والتعاون الأوروبى (OECD)، حساب الدعم المالى بأنه اقترب من الـ100 مليار العام الماضى، لكن جهات مستقلة تقول إن الرقم لم يتم الوفاء به حتى الآن، وبفرق النظر عن سوء الاختلاف فهذا المبلغ هو زهيد جدا ولا يقترب من الـ1% من تلبية الاحتياجات الفعلية للتعامل مع التغيرات المناخية.

من ناحيته، قال مدير عام التنوع الأحيائى بوكالة البيئة فى وزارة البيئة والمياه والزراعة بالسعودية الدكتور قتيبة السعدون، إن طموح المملكة متمثل فى تحقيق هدف الحياد الصفرى بحلول عام 2060، من خلال تبنى نموذج الاقتصاد الدائرى للكربون، وتسريع رحلة انتقال المملكة نحو الاقتصاد الأخضر، مؤكدا أن مبادرة السعودية الخضراء تحقق ثلاثة أهداف طموحة وهى «تقليل الانبعاثات الكربونية، التشجير البيئى والحضرى فى المملكة، حماية المناطق البرية والبحرية»، موضحا أنه تم إطلاق 77 برنامجا مختلفا لدعم هذه الأهداف ودفع عجلة النمو المستدام، باستثمارات تتجاوز قيمتها 700 مليار ريال سعودى.

اقرأ:  هيئة الطيران الأمريكية تجد نقاط ضعف في إدارة الجودة لدى بوينج

وأضاف السعدون لـ«»، أن المملكة السعودية تسعى لتقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويا بحلول عام 2030، بجانب هدف أساسى وهو زراعة 10 مليارات شجرة فى جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، أى ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضى، وبحلول عام 2030 سيتم زراعة 600 مليون شجرة منها 100 مليون شجرة مانجروف.

بدوره، قال خبير التنوع البيولوجى الدولى ورئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجى بوزارة البيئة سابقا أيمن حمادة، إن الكوكب عبارة عن شبكة متصلة من الأنظمة والمناطق الإيكولوجية، ودلل على ذلك بأن صور الأقمار الصناعية والدراسات أكدت أن الرياح المحملة بالغبار والأتربة من الصحراء الإفريقية الكبرى تحمل معها ما يقدر بنحو 22 ألف طن من الفوسفور لتخصيب غابات الأمازون المطيرة سنويا لتعويض نفس الكمية من الفوسفور التى يتم فقدها فى تلك الغابات نتيجة للأمطار والفيضانات.

قال حمادة لـ«الشـروق»، إن هناك الآلاف من الحيوانات والطيور تهاجر سنويا بين شمال وجنوب الكرة الأرضية ولا يمكن عزل تأثيرات الممارسات البشرية السلبية التى تحدث فى قارة أو فى دولة ما عن حالة وصحة البيئة فى باقى أنحاء الكوكب وخاصة فيما يتعلق بما يسمى بـ«الأزمات الكوكبية الثلاث» وهو المصطلح المتوافق عليه فى منظمات وهيئات الأمم المتحدة لوصف الأزمات البيئية الثلاث التى تهدد الحياة على كوكب الأرض وهى تغير المناخ والفقد فى التنوع البيولوجى والتلوث نظرا لكونها وصلت لمعدلات وتأثيرات غير مسبوقة فى التاريخ البشرى المسجل.

وكشف دور النظم الإيكولوجية البحرية والأرضية الصحية بأنها قادرة على امتصاص وتخزين أكثر من 60% من انبعاثات الكربون «الناشئ عن أنشطة بشرية» وهى تلك الانبعاثات المسئولة عن التغيرات المناخية، حيث إن استعادة وإعادة تأهيل مناطق الغابات وحدها تستطيع امتصاص وتخزين 30% من انبعاثات الكربون بشرى المنشأ، وأن البحار والمحيطات قادرة على امتصاص ما يصل إلى 25% من تلك الانبعاثات، ولذلك يعد نهج «التكيف القائم على النظم الإيكولوجية» و«الحلول القائمة على الطبيعة للتصدى لتأثيرات التغيرات المناخية» من النهج الفعالة من حيث التكاليف وتساهم فى تقديم خدمات ومنافع اقتصادية واجتماعية.

فى سياق متصل، قالت المتحدثة باسم وزارة الزراعة السودانية، دنيا حسن خلف الله، إن تأثيرات المناخ تجتاح العالم، وتشير التنبؤات إلى استمرار ارتفاع درجات الحرارة لتصل إلى 5.8C فى عام 2100، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات فى أنماط الأمطار وتعرض المزيد من البشر للأمراض، لاسيما زيادة فقد التنوع البيولوجى وإنتاجية النظم البيئية وتقليص التنوع الجينى.

اقرأ:  افتتاح معرض «يحيا الحب» للفنان حلمي التوني بحضور المهندس إبراهيم المعلم

وأضافت ممثلة الزراعة السودانية لـ«»، أنه لابد من تكاتف جميع الدول لاسيما الدول المتقدمة لوقف انبعاثاتها لأنها تؤثر على حياتنا، مؤكدة أن الزراعة يعتمد عليها 70% من السكان بالريف السودانى ولكن وضع الإنتاج الزراعى حاليا فى السودان داخل دائرة الخطر بسبب استمرار المواجهات بين قوات الجيش والدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضى والذى استمر إلى 10 شهور.

وأكدت أن 80% من المزارعين نزحوا من مزارعهم وديارهم إلى الدول المجاورة مثل «تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان»، وذلك بعد الهجوم عليهم من الدعم السريع والاستيلاء على المنتجات الزراعية المحصودة، مؤكدة أن السودان يمتلك ما يزيد على 180 مليون فدان من الأراضى الصالحة للزراعة، وأكثر من 100 مليون رأس من الماشية، وتوقعت أن يتعرض السودان لمجاعة بحلول يوليو ترتفع إلى 19.1 مليون، لاسيما أصبحت جميع المشاريع الزراعية مهددة بنسبة 80% بالتوقف بسبب وجودها فى مناطق عمليات عسكرية، مشيرة إلى أن الخسائر الاقتصادية بلغت 120 مليار دولار حتى الآن، وشهريا يتم خسارة 600 مليون دولار.

من جهته، قال العالم المصرى المتخصص فى محطات الطاقة النووية والبلازما بروسيا مصطفى أغا، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لها مساهمات فى مكافحة فقدان التنوع البيولوجى الذى ينتج من تلوث البيئة، حيث تدعم ما يزيد على 200 مشروع فى مجالات مختلفة تشمل الزراعة والبيئة والصحة، فيما بلغ عدد الدول الأعضاء فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية 171 دولة كما هو موضح فى البيانات لعام 2023.

وأضاف أغا لـ«»، أن استخدام التقنيات النووية فى مواجهة التغيرات المناخية لها دور مهم أيضا، فالطاقة النووية تسهم حاليا بنسبة تتراوح بين 10ــ15% من إجمالى إنتاج الكهرباء عالميا، وتعزز انخفاض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالوقود الأحفورى، مؤكدا أنه فى عام 2020، تم توليد نحو 2,300 تيراواط ساعة من الكهرباء عن طريق الطاقة النووية على مستوى العالم.

وعن كيفية الحفاظ على التوازن البيئى والحياة الفطرية فى المحيط البحرى لمحطات الطاقة النووية، أوضح أنه يعزى تشغيل محطات الطاقة النووية إلى 12% من الإنتاج الكهربائى العالمى، لاسيما أن الإحصائيات أظهرت أن الحوادث البيئية الخطيرة لا تكون ناتجة عن محطات الطاقة النووية وتكاد تكون غير موجودة بنسبة 0.00001%.

ووصف محطات الطاقة الشمسية بأنها ذات دور كبير فى الحفاظ على التنوع البيولوجى، حيث تقوم بتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة تصل إلى 25%، متوقعا ارتفاع درجات حرارة الأرض 4.5 درجة مئوية بحلول 2100.

من جانبه، قال العالم المصرى نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر فى ألمانيا خالد عبدالرحمن، إن فى الوقت الحالى لا يخضع للحماية البيئية سوى أقل من 20% من الأراضى حول العالم، فى ظل وجود أخطار مختلفة بسبب التغيرات المناخية كالجفاف والفيضانات وحرائق الغابات على مستوى العالم، محذرا من فقدان التنوع البيولوجى والذى من الممكن أن يشمل انقراض أعداد كبيرة من الحيوانات والنباتات فى المرحلة القادمة، وبالتالى تفاقم التغير المناخى بسبب فقدان الأشجار التى تمتص ثانى اكسيد الكربون، وتوقع ارتفاع درجة حرارة الأرض 4 درجات مئوية بحلول 2100.

اقرأ:  طبيب الزمالك يزف نبأ ساراً بشأن إصابة زيزو

وأضاف عبدالرحمن لـ«الشـروق»، أن الاتحاد الأوروبى وقع اتفاقية تاريخية لحظر استيراد أى منتجات قد تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر فى عملية إزالة الغابات، حيث يعد الاتحاد الأوروبى والصين من أكثر الدول تدميرا للغابات الاستوائية، مؤكدا أن آخر الأبحاث بألمانيا حذرت من خسارة ونقص أعداد الحشرات والتى تشهد بالفعل انخفاضا شديدا، وهى تعتبر مهمة جدا للنظام البيئى لأنها تقوم بنقل حبوب اللقاح بين الأشجار، فنحو 40% من أنواع الحشرات فى العالم مهددة بالانقراض خلال العقود القادمة.

أوضح أن حالة التنوع البيولوجى فى ألمانيا تدعو للقلق؛ إذ انخفضت أعداد الطيور بمقدار الثلث تقريبا على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، وتندرج ضمن ذلك أيضا «الأنواع الاعتيادية» مثل قبرة السماء أو الحجل الرمادى، ويتم ذلك بشكل بطىء وغير ملحوظ ولا يمكن استشعار الاختفاء هذا بشكل مباشر.

فى الوقت ذاته، أكد أن ألمانيا لها دور ريادى فى الحفاظ على التنوع البيولوجى، وقد أعلن المستشار الألمانى أولاف شولتس فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك فى سبتمبر 2022 مضاعفة المبلغ إلى نحو 1.5 مليار يورو سنويا بحلول عام 2025، وتمول ألمانيا بهذا المبلغ مشاريع لحماية الغابات المطيرة مثل «البرازيل، إندونيسيا»؛ مؤكدا أن ألمانيا قامت بتفعيل صندوق تراث المناظر الطبيعية والذى تأسس على يد البنك التنموى الألمانى فى 2020 ويساهم جديا فى تمويل المحميات الطبيعية، وتخصص الحكومة الاتحادية فى ألمانيا أربعة مليارات يورو للتنوع البيولوجى حتى عام 2026، وهو إسهام كبير فى الحماية الطبيعية للمناخ.

وصف دور التنوع البيولوجى ودخوله فى الأبحاث العلمية، فقال إن ألمانيا تميزت باستخراج الوقود الحيوى من الطحالب البحرية، وقامت باستزراعها فى أحواض مائية وفى ظروف الطحالب الطبيعة ذاتها، مشيرا إلى أن العلماء نجحوا فى تطوير وإنتاج الوقود الحيوى من الطحالب بالاعتماد على الذكاء الاصطناعى، فضلا عن تدريب الذكاء الاصطناعى لتصميم بيئة مثالية للطحالب بغرض رفع كثافة ومعدل نموها من أجل الحصول على أعلى إنتاجية وبأقل تكاليف.

إلى ذلك، تباينت الآراء وفقا للعلماء، بأن درجات الحرارة سوف تستمر فى الارتفاع لتصل إلى 5.8C بحلول عام 2100، ووفقا لاثباتات اللجنة البيئية الدولية (IPCC) وهى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

اترك تعليقاً