تخطى إلى المحتوى

أصل الحكاية ( ١٩) الانسحاب من قطاع غزة

في المقال السابق تخلصت بورسعيد من رأس الأفعى وبقي ذيلها في سيناء. فقد أعلنت إسرائيل عدم خروجها من “غزة ” وزعَمَت أنها ضِمن حدودها وعلَّقت انسحابها من “شرم الشيخ” بحرية الملاحة لسفنها بخليج العقبة فأصدرت مصر إنذارا لإسرائيل بأن عدم انسحابها إلى ما وراء خطوط الهُدنة ستكون نتائجه خطيرة.

في جلسة ١٨يناير١٩٥٧ بمجلس الأمن كَشَفَ وزير خارجية مصر فظائع اليهود في غزة و سيناء وتدميرهم للطرق والمنشآت.

طالبت مجموعة الدول الآسيوية الإفريقية (٢٧دولة) بتوقيع العقوبات العسكرية والاقتصادية على إسرائيل بلا رحمة.

وقدمت أمريكا مشروعا من شقين: الأول انسحاب إسرائيل فورا وبلا شروط. والثاني انسحاب إسرائيل إلى ما وراء خطوط الهدنة وعودة العقبة وقطاع غزة إلى العرب وبقاء القوات الدولية على خطوط الهدنة. وتفويض سكرتير الأمم المتحدة “همرشيلد” بتوزيع القوات الدولية على خطوط الهدنة في العقبة. ولكن إسرائيل رفضت مرة أخرى وقال “بن جوريون”: إن الانسحاب المطلق يُعَدُ انتحارًا. فأعلن “همرشيلد” فشله في إرغام إسرائيل على تنفيذ قرارات هيئة الأمم وفَوَّض الأمر إلى الأمم المتحدة التي أصبح موقفها حرجا مع وجود قوات الطوارئ في سيناء فما دور هذه القوات إذا لم يكن حماية قرارات الهيئة ومباشرة تنفيذها؟

وفجأة رجعت إسرائيل وأعلنت “جولدا مائير” وزيرة خارجيتها في٤ مارس ١٩٥٧ أن إسرائيل ستنسَحِب إنسحابا كاملا وعاجلا.

وفي٦مارس ١٩٥٧خَرَجت إسرائيل من ” غزة” ودَخَلت القوات الدولية “دير البلح” و “خان يونس” ومدينة “غزة”.

وفي٧مارس ١٩٥٧ انسحبت إسرائيل من “شرم الشيخ”.

وفي ٩ مارس دَخَلت القوات الفنلندية شرم الشيخ ووصلت القوات الإندونيسية إلى شاطئ العقبة، وأعلن “همرشيلد” أن إسرائيل انسحبت نهائيا وأصبح قطاع غزة خاليا من قواتها. وسارت المظاهرات مطالبة بعودة الإدارة المصرية، وفي اليوم نفسه تَمَّ تعيين الحاكم الإداري المصري لقطاع غزة وتقرر قيام الإدارة العربية المصرية بعملها فورا في القطاع.

اقرأ:  «القابضة للصناعات الغذائية»: ضخ 67.7 ألف طن سكر ولحوم ودواجن في معارض أهلا رمضان

في ١٤مارس ١٩٥٧استقبل سبعون ألف مواطن الحاكم المصري اللواء محمد حسن عبد اللطيف عند وصوله غزة.

اجتاحَت إسرائيل مَوجَة من الفَزَع، فطالبت بريطانيا بوضع قطاع غزة عسكريا ومدنيا تحت إشراف الأمم المتحدة كمرحلة انتقالية لا تنتهي إلا بتسويةٌ نهائية، وقال “سلوين لويد ” وزير الخارجية البريطاني: إن خليج العقبة ممر مائي دولي كما يجب إعادة تخطيط الحدود بين إسرائيل ومصر حتى تصبح لإسرائيل حدود “معقولة” فقطع “جمال عبد الناصر” عليهم الطريق وصَرَّح لصحيفةٍ صِينية بأن أي محاولة من الدول الغربية لتدويل غزة أو خليج العقبة ستؤدي إلى أزمة جديدة.

وفي١٦مارس ١٩٥٧سَلَّمتْ قوات الطوارئ الدولية قطاع غزة لإشراف الإدارة المصرية وانتقلت إلى خطوط الهُدنة واختفت دورياتها من شوارع غزة وبدأ البوليس المحلي مباشرة مهامه.

المقال المقبل هو الأخير في الجزء الأول من أصل الحكاية.

اترك تعليقاً