«مر أعرابي» جملة ربما سمعتها من إمام مسجد في خطبة جمعة، أو راوي تاريخ، أو حتى في كتاب متخصص في اللغة العربية، لكن هل سألت يوما عن أصل هذا المصطلح وما المقصود به في المقولات المأثورة والأحاديث النبوية؟
من هو الأعرابي؟
أستاذ النقد الأدبي والبلاغة، الدكتور مدحت الجيار، رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة الزقازيق، يعرف الأعرابي بأنه لفظ يطلق على كل عربي يعيش في الصحراء.
في حديثه لـ«» يقول الجيار إن كلمة أعرابي تحولت مؤخرا للبدوي، فكل من يسكن الصحراء حاليا، أو يعيش في البادية نسميه بدوي، مشيرا إلى أنه كلما تقدم الزمن يتلاشى هؤلاء الأعراب أو البدو، بفعل اقتراب المدنية منهم.
ويشير إلى أن مقولات الأعراب المأثورة دليل لغوي قوي يستند إليه النحاة، في كثير من القضايا النحوية، خصوصا في الأحكام الإعرابية الشاذة.
ويضيف أستاذ النقد الأدبي أن الأعراب بحكم أنهم مجتمع رعوي لم يتقدم للتجارة أو للزراعة، فهم يحافظون على لغتهم العربية سليمة، لذا فهم موجودون في كثير من القياسات اللغوية والتاريخية.
تعريفات قديمة للأعرابي
وعطفا على ما يقوله أستاذ النقد الأدبي يعرف سيبويه الملقب بإمام النحاة الأعراب بالفتح بأنهم هم سكان البادية خاصة، والنسبة إليه أعرابي، بينما يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم «الفارق بين العربي والأعرابي، أن العربي كل من نسب إلى العرب وإن لم يكن من البدو، أما الأعرابي فهو من سكن البادية من العرب»
هل فبرك الأعراب القصص؟
يرفض عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر يحيى الصامولي، ما يثار عن أن مصطلح «الأعرابي» نموذجا في فبركة حكايات تراثية إسلامية، خصوصا وأنه ذكر في عشرات الأحاديث النبوية.
الصامولي يقول في تصريحات لـ«» أن الأعرابي في غالبية الأحاديث النبوية التي ذكر فيه مقولة «مر أعرابي» على سبيل المثال لم يكن له دور في الواقعة سوى مروره، لذا ليس من المهم ذكر اسمه أو تفاصيل عنه.
تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي تسخر من لفظ الأعربي
ويضيف أن الأمر متعلق براوي الحديث أو الموقف التاريخي أكثر منه متعلق بالأعرابي، وهناك اشتراطات محددة في علم الحديث لاعتماد الراوي من أهل الثقة الصادقين، أم لا.
وبحسب الصامولي فإن الأمر يشبه مثلا أن تكون في المواصلات العامة، ويحدث أمر جليل أو مهم، وعندما تعود لبيتك أو عملك تذكر الموقف لمجالسيك، أو فتقول مر عليا رجل أو حدث موقف من رجل لا أعرفه في المواصلات.
ويضرب المدرس المساعد بكلية أصول الدين، مثلا بحديث الأعرابي الشهير الذي تبول في المسجد النبوي والذي يقول نصه، «عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: دعوه وأهريقوا على بوله ذنوباً من ماء- أو سجلا من ماء».
ويضيف في مثل هذا الحديث الشهير لا يعني المستمع من هو الأعرابي، حتى وإن كان الراوي يعرف من هو فإن ذكره ربما يكون فيه جزء من التشهير.
وينتقل العالم الأزهري لنقطة أخرى في المرويات التي ذكرى فيه الأعرابي، حتى ولو كانت بعيدة عن رواة الأحاديث، كأن يقول شخص مثلا مر أعرابي على قوم فقال لهم كذا وكذا، ففي هذه الحالة يكون القول مصدقا إذا كان ناقله صادق، ومعروف بروايته للتاريخ أو السير.
ويشير إلى أن في حالة إذا كانت المقولة فقط هي الموجودة لكن لا يعرف من قائلها، ولا راويها، فإن هذه المقولة حتما مختلقة.