تخطى إلى المحتوى

عجز بالموازنة وانكماش تاريخي.. هل اقتصاد الاحتلال على طريق التعثر؟

تدخل حرب الإبادة الإسرائيلية بحق سكان قطاع غزة شهرها الخامس، وسط تفاؤل حذر بإتمام صفقة لوقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس بشروط من الطرفين، استعدادا لشهر رمضان الكريم.

وفرضت الأشهر الخمسة للحرب أعباء على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تضرر بشكل كبير وغير مسبوق في تاريخه.

هذه الأعباء أدت لانكماش غير مسبوق للاقتصاد الاسرائيلي، ما وضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حرج مع الشارع الرافض لسياسته قبل الحرب عامة وبعدها خاصة بتحميله مسؤولية نجاح عملية طوفان الأقصى على مستوطنات قطاع غزة في أكتوبر الماضي.

رُغم سير الاقتصاد الإسرائيلي على طريق التعثر منذ نهاية العام المنصرم، إلا أن نتنياهو طالما رفض وقف إطلاق النار في غزة، بما أثر بالسلب على الميزانية العامة لإسرائيل.

* الكنيست يوافق على مقترح لرفع عجز الميزانية مع إعادة إرسال عادات الضرائب للحكومة الفلسطينية

وافقت اللجنة المالية بالكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، على مقترح لرفع هدف عجز ميزانية عام 2024 بصورة كبيرة من 2.25٪ إلى 6.6 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، في انتظار تصويت الكنيست كاملا على المقترح في الأسابيع المقبلة.

ويأتي ذلك نتيجة زيادة الإنفاق المساعد في تمويل الحرب على غزة، بزيادة تكاليف الدفاع والتعويضات للمستوطنين المتضررين.

وتشمل تلك التعويضات الشركات وسكان البلدات الحدودية القريبة من غزة جنوبا وبمحاذاة لبنان في الشمال حيث المناوشات الإسرائيلية مع حزب الله، وكذلك الفنادق التي يقيم فيها عشرات الآلاف من النازحين الإسرائيليين من مستوطنات غلاف غزة.

وقالت اللجنة في بيان إن الفارق في العجز المستهدف يبلغ نحو 70 مليار شيكل بما يعادل 19 مليار دولار، بهدف تمويل النفقات الإضافية المطلوبة نتيجة الحرب.

ويأتي ذلك بينما وافقت إسرائيل، الثلاثاء الماضي، على استئناف تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، بعد انقطاعها لأشهر طويلة، وذلك لتمويل الخدمات الأساسية ودعم اقتصاد الضفة الغربية، بحسب وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين.

اقرأ:  فيديو.. أول تصريحات لحلمي بكر بعد اتهام زوجته باختطافه

وشدّدت، في مؤتمر صحافي، على أنّ الأموال بدأت تتدفّق. وقالت: “يتعين أن يستمر هذا الأمر” مشيرة إلى أن واشنطن “تحثّ”، منذ فترة الحكومة الإسرائيلية على الإفراج عن “أموال المقاصة” للسلطة الفلسطينية.

* الاقتصاد الإسرائيلي ينكمش بنسبة 20٪

وفي 21 فبراير المنصرم، قالت صحيفة تايمز أوف إسرائيل العبرية، إن الاقتصاد الإسرائيلي انكمش بنحو الخمس في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، أي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وأردفت الصحيفة أن الحرب ألحقت خسائر فادحة بالإنفاق الاستهلاكي والتجارة والاستثمار الإسرائيليين، وفق ما اظهرته البيانات.

وذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل انخفاضا بنسبة 19.4٪ عن معدله السنوي في الربع الأخير من عام 2023، وفقا للأرقام الأولية التي نشرها المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء.

ويعد هذا الانخفاض هو الأعمق منذ ثلاثة أشهر في الربع الثاني من عام 2020، عندما انخفض الاقتصاد بنسبة 30٪ تقريبًا بسبب ضرر عمليات الإغلاق المرتبطة بجائحة فيروس كورونا بالإنفاق الاستهلاكي لتترك العديد من الشركات مغلقة.

وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن هذه المرة كانت الحرب هي التي “دمرت اقتصاد الاحتلال”، بشكل غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، مع دخولها الشهر الخامس.

* إسرائيل تفرض زيادة على ضريبة التأمين الصحي في ظل اقتصاد منكمش

في فبراير الجاري، أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن وزارتا الصحة والمالية، وكذلك لجنة الصحة في الكنيست، تدعم زيادة كبيرة في ضريبة الصحة التي يدفعها الإسرائيليون كل شهر، رغم الإعلان عن انكماش الاقتصاد بنسبة 20٪ للمرة الأولى في تاريخه.

وبحسب الصحيفة سيتم فرض ضريبة التأمين الصحي بنسبة 3.1% على أول 7,522 شيكل دخل جديد وبنسبة 5% على الفرق بين هذا الرقم والحد الأقصى المحسوب للدخل الشهري البالغ 49,030 شيكل جديد.

اقرأ:  السويسريون يؤيدون في استفتاء توسيع نطاق المزايا الاجتماعية للمتقاعدين

وفي حالة الموافقة فإن الزيادة إلى 3.25% و5.15% على التوالي، ستدخل حيز التنفيذ في بداية عام 2025، لكن موافقة اللجنة ستجعل من الممكن تخصيص ميزانية مخصصة لنظام الصحة العقلية في العام المقبل، وتعني الزيادة مليار شيكل إضافية للعناية النفسية.

* الكنيست يوافق على ميزانية معدلة

منذ فبراير المنصرم، وافق البرلمان الإسرائيلي مبدئيا على ميزانية معدلة لعام 2024 بقيمة 584 مليار شيكل، أو 724 مليار شيكل شاملة سداد الديون.

وفي وقت سابق من نفس الشهر، أفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، بأن إسرائيل تخطط لجمع حوالي 60 مليار دولار وتجميد التوظيف الحكومي وزيادة الضرائب على سكانها، بسبب تضاعف إنفاقها العسكري تقريبًا منذ بدء عدوانها على قطاع غزة، وفقًا لمسئول مالي كبير.

* إنفاق إضافي بالعام الماضي ولبنان يرفع مخاوف تضرر الاقتصاد الإسرائيلي

ووافقت إسرائيل العام الماضي على ميزانية عامي 2023 و2024 لكن حرب غزة أحدثت هزة في المالية العامة للحكومة مما تطلب تغييرات في الميزانية وإنفاقا إضافيا.

إلى ذلك، هناك مخاوف من أن يؤدي تصاعد الاشتباكات شبه اليومية بين حزب الله والقوات الإسرائيلية عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى صراع شامل.

وفي ظل هذه الخلفية، تخطط الحكومة الإسرائيلية لزيادة الإنفاق العسكري هذا العام بمقدار 55 مليار شيكل أي حوالي 15 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 85٪ عن ميزانيات الدفاع قبل الحرب.

وقالت وزارة المالية الإسرائيلية إن ذلك سيرفع الإنفاق الدفاعي لنحو 20٪ من ميزانية عام 2024 بدلا من 13.5٪ قبل الحرب.

وجاءت إيرادات إسرائيل لعام 2023 أقل من المتوقع بمقدار 12 مليار شيكل، في حين زادت الحكومة الإنفاق بنحو 26 مليار شيكل نتيجة الحرب.

وشمل ذلك مبلغًا إضافيًا قدره 4.7 مليار دولار للدفاع، حيث أصدرت وزارة المالية تصاريح خاصة للسماح للحكومة بالعمل خارج الميزانية مباشرة بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر.

اقرأ:  الحكومة اليمنية: الوضع العام بشأن سفينة الشحن روبيمار مقلق جدا

* أسباب جوهرية أدت لتضرر الاقتصاد الإسرائيلي

ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز مؤخرا أن الحرب المستمرة منذ أشهر، ألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد الإسرائيلي، الذي انكمش بنسبة 20% تقريبًا على أساس سنوي في الربع الأخير من عام 2023.

وأضافت الصحيفة أن ذلك حدث نتيجة حشد رقما قياسيا بلغ 300 ألف جندي احتياطي فضلا عن نزوح عشرات الآلاف من المستوطنين في شمال إسرائيل وجنوبها وتراجع الإنفاق الاستهلاكي كما تم منع حوالي 150 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل من الضفة الغربية المحتلة، وكانت هذه العوامل بين أسباب تراجع أداء الاقتصاد الإسرائيلي.

ومع نهاية العام المنصرم قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن الاقتصاد الإسرائيلي يترنح مع تقلص العمالة بسبب حرب غزة، محدثة تحول في اقتصادها واقتصاد الضفة الغربية.

حيث أدى قرار منع أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني من دخول إسرائيل إلى تقليص حجم العمالة منخفضة التكلفة في الداخل المحتل الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 9 ملايين نسمة والمعروف بأجوره المرتفعة نسبيًا وقوانين الهجرة الصارمة التي تجعل من الصعب على غير اليهود العيش فيه.

في الوقت نفسه، استدعى جيش الاحتلال ما يقرب من 400 ألف جندي احتياطي، ويقدر المسؤولون أنه تم نقل 250 ألف إسرائيلي، مؤقتًا على الأقل، من منازلهم، خاصة من المناطق التي يُنظر إليها على أنها عرضة للهجمات، مما يمنع الكثيرين من الذهاب إلى عملهم.

إضافة إلى ذلك فإن حوالي 20% من الموظفين الإسرائيليين لا يعملون بسبب الخدمة العسكرية أو الانتقال إلى مكان آخر، وفقًا لوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية، والتي قدرت أن التكلفة التي يتكبدها الاقتصاد بسبب غياب العمال الإسرائيليين وصلت لحوالي 13 مليار شيكل، أو ما يقرب من 13 مليار شيكل، بما يعادل 3.6 مليار دولار في منتصف نوفمبر.

اترك تعليقاً