في عام 1993 انضمت دولة جزيرة القُمر لجامعة الدول العربية، بعد نحو 15 عامًا من استقلالها عن فرنسا، لكن قبل هذا التاريخ عاشت الجزيرة سلسلة متلاحقة من الأحداث، استعرض الدكتور فراس عبدالجبار أبرزها في دراسته «جمهورية القُمر الاتحادية الإسلامية. دراسة في الجغرافيا السياسية»، إضافةإلى ذلك نعرفكم على سبب تسمية جزر القمر بهذا الاسم.
موقع دولة جزر القُمر
تحتل جمهورية جزر القُمر موقعًا استراتيجيًا هائلًا، بوقوعها في المحيط الهندي، بين الساحل الإفريقي ومدغشقر، وبالتحديد في مدخل مضيق قناة موزمبيق، التي تعتبر أحد المحاور الرئيسية لسير بواخر النقل والسفر في المحيط الهندي,
ويعتبر السير في قناة موزمبيق جزءًا من السير عبر طريق رأس الرجاء الصالح، والذي يعتبر أحد المداخل الرئيسية للمحيط الهندي.
وليس لجزر القُمر أي حدود برية، حيث أنها واقعة كليًا في مياه المحيط.
وسطح جزر القُمر من أصل بركاني، تغطيه الغابات التي ينمو فيها على الأغلب حشائش السفانا المدارية، أما الجبال فيوجد منها على سطح الجزيرة جبل بيرتالا الذي يبلغ ارتفاعه 340 مترًا، وجبل كارتالا الذي يصل ارتفاعه إلى 2360 مترًا.
وبالنسبة للتركيب الجيولوجي، فإن جزر القُمر تتألف من المقذوفات البركانية «اللفا» التي تتألف من السليكات والألومنيوم والصودا والبوتاس والجير والمنجنيز وأوكسيد الحديد، مايشير إلى احتواء الجزر على ثروات معدنية كبيرة.
ويتميز مناخ جزر القُمر بأنه حار ورطب، وتنقسم السنة إلى فصلين، الأول ممطر ورطب، ويمتد من شهر أكتوبر إلى أبريل، وفصل أقل مطرًا لما تبقى من السنة، وتتعرض الجزيرة إلى أعاصير مدمرة خلال الفصل المطير تلحق أضرارًا بالمنازل، وتقل كمية الأمطار في الشتاء، بسبب الرياح الموسمية التي تمر عبر السواحل الشرقية للمحيط الهندي.
جزر القُمر وإمكانياتها السياحية
تمتلك جزر القُمر إمكانيات سياحية عديدة، حيث تمتاز باعتدال طقسها طوال العام، حيث تتراوح درجات الحرارة بين 22 إلى 35 درجة مئوية، كما تتميز بغاباتها الاستوائية الجميلة الخالية من الوحوش المفترسة، وينمو فيها النباتات النادرة والزهور العطرية.
وبجزر القُمر شواطئ بحرية طويلة يصل طولها إلى 3400 كم، تمتاز برمالها البيضاء التي تزداد جمالًا في ليالي الصيف.
العرب وجزر القُمر
وتختلف الآراء في سبب تسمية هذه الدولة بهذا الاسم، فالبعض يرى أن السبب يعود إلى شكل الجزيرة التي تشبه القمر، بينما يعتقد آخرون، أن سبب التسمية يعود إلى أن العرب نزلوا ساحل الجزيرة، وكان القُمر بدرًا، فأسموها جزر القُمر.
وورد في «معجم البلدان» لياقوت الحموي، أن كلمة «القُمر» هي جمع «أقمر» وهو الشديد البياض، وأن جزر القُمر هي جزيرة في وسط بحر الزنج (المحيط الهندي)، وليس في ذلك البحر أكبر منها، وفيها عدة مدن وملوك، وكل واحد منهم يخالف الآخر.
ووصل العرب إلى هذه الجزيرة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وكان أغلبهم من الصيادين الذين وفدوا من اليمن وحضرموت وعمان، جالبين معهم الدين الإسلامي، وأنشأوا العديد من السلطنات وخاصة في أنجوان.
جزر القُمر من الاحتلال إلى الاستقلال
واحتل البرتغاليون الجزيرة عام 1505، ثم فرنسا عام 1823، وفي عام 1947 اعتبرت فرنسا جزر القُمر إقليمًا فرنسيًا، ومنحتها تمثيلًا في البرلمان الفرنسي، ثم منحتها حكمًا ذاتيًا عام 1961، ثم حصلت الجزيرة على استقلالها عام 1978، بعد إجراء الاستفتاء، باستثناء جزيرة مايوت التي فضل 65% من سكانها البقاء جزءً من فرنسا.
ومنذ ذلك الحين، توالت الانقلابات في الجزيرة حتى عام 2006، حيث اُنتخب أحمد بدالله رئيسًا للجمهوية.
محاولات الانفصال عن جزر القُمر
وتبلغ مساحة الجزيرة 2236 كم، وبذلك تعد من الدول القزمية، وتتألف من أربعة جزر أساسية، هي القُمر الكبرى، وانجوان، ومايوت، وموهيلي، وتتباين هذه الجزر في مساحتها وتوزيع السكان.
والقُمر الكبرى، هي أكبر الجزر، حيث تبلغ مساحتها حوالي 1146 كم، وتشكل نسبة 51% من حجم الجزيرة الكلي، وتقع فيه مدينة موروني عاصمة البلاد.
وهذا الشكل المجزأ للدولة خلق صعوبات جمة أمام الحكم المركزي، وسلطة العاصمة على الأطراف والجزر البعيدة، ووضع العراقيل أمام التنمية الاقتصادية والتماسك الداخلي للدولة، ولهذا تنزع الأجزاء المتطرفة دائمًا إلى الانفصال، لأنها لا تشعر برابطة الانتماء إلى الدولة شعورًا حقيقيًا.
ومن الأمثلة على ذلك محاولة جزيرة انجوان الانفصال أكثر من مرة، وعدم انصياعها للنظام لمركزي في العاصمة “موروني”، لإحساس سكانها والقائمين على حكمها ببعض المزايا النسبية التي تتمتع بها الجزيرة، مقارنة بالجزر الأخرى، إذ هي الأغنى بمواردها الاقتصادية والسياحية، وهي الميناء الرئيسي لجزر القُمر، في المياه العميقة، كما تطل مباشرة على قناة موزمبيق.