يلعب حجم السيارة دوراً كبيراً أحياناً في منح انطباع من القوة والفخامة عن السيارة، ولدى الحديث عن السيارات الضخمة وكبيرة الحجم، فلا بد من تصدّر سيارات هامر للمشهد ضمن مجموعة من السيارات التي يمكن تمييزها بسهولة حينما تزيّن الطرقات بحضورها البهي والمدهش، وليس غريباً ذلك على سيارات هامر الفاخرة والتي تُعدّ واحدة من أشهر شركات السيارات الأمريكية، نظراً لتاريخها الحافل وحجمها الهائل وميّزاتها الفريدة والبارزة، أوساط السيارات، ولعل أكثر ما هو لافت في الأمر؛ تصنيع سيارات هامر في الأساس بوصفها مركبات عسكرية لنقل الأفراد والمعدات، من ثم الانتقال إلى الإنتاج المدني من السيارة مع الإبقاء على خط الإنتاج العسكري منها.
وبناءً على ما تحمله السيارة من مواصفات ومحطات مهمة في مسيرتها؛ فسنسرد في هذا المقال قصة سيارة همر بما في ذلك الإتيان على حقائق عن سيارات هامر الأمريكية وأهم معلومات عن شركة همر العملاقة منذ الانطلاقة حتى اليوم.
تاريخ سيارات همر
تتميز سيارات هامر عن غيرها من السيارات بحجمها الكبير وبنيتها وخصائصها الاستثنائية، ويمكن القول بأنها تصعب مقارنة القدرة التي تقدمها سيارات هامر في السير على الطرق الوعرة بما سواها ما السيارات الأخرى، إلا أن ذلك ليس الأمر الوحيد كتب سطور قصة نجاح شركة همر وأضفى على سياراتها تفرداً وألقاً في أوساط السيارات، إذ أن هنالك العديد من الخصائص والمزايا الأخرى التي لعبت دوراً محورياً في نجاح قصة شركة همر، ولقد تطورت هذه المزايا والخصائص مع مرور الوقت لتغدو سيارات هامر رقماً صعباً زاد من حدة المنافسة بين شركات ومصانع السيارات في العالم، وفيما يلي عرض لأبرز المحطات المفصلية في تاريخ شركة هامر وسياراتها:
عودة إلى الجذور
في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، كان قد خصّص مجلس وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) جزءاً من نفقاته لحساب شركة تصنيع المركبات الثقيلة “ايه ام جنرال – AM General” من أجل إنتاج مركبة عسكرية ذات عجلات عالية الحركة ومتعددة الوظائف، مع توصياتٍ بتصنيعها وتصميمها وفقاً لمعايير محددة تتيح استخدام المركبة لنقل الجنود والعتاد، إلى جانب أن تكون مناسبة للسير على مختلف التضاريس وفي مختلف البيئات الجغرافية، ولقد أنجزت الشركة بالفعل المهمة التي كُلّفت بها وقامت بإنتاج مركبة “همفي – Humvee” العسكرية التي خدمت الغرض الذي صُنعت من أجله وحققت أهدافها بشكلٍ جيد، كما أضيف إليها مميزات أخرى من ضمنها السير على المنحدرات الجانبية، والتوجيه فوق أي جسم يبلغ قطره حتى 16 بوصة، ذلك إلى جانب إمكانية السير فوق المسطحات المائية باستخدام معدات خاصة تحتوي عليها المركبة لهذا الأمر، أضف إلى ذلك العديد من المزايا والخصائص التي جعلت من “همفي” مركبة استثنائية متفوقة على سيارات الجيب التقليدية بشكلٍ جليّ الوضوح، إلا أنها كانت مخصصة للاستخدام العسكري فقط.
انطلاقة هامر
يمكن القول إن الممثل والسياسي النمساوي الأمريكي أرنولد شوارزينيجر كان بطلاً في قصة سيارة همر كما هو بطلاً في أفلامه، إذ لعب دوراً رئيسياً في خروج سيارة هامر إلى النور وبدء تاريخ سيارات همر ذات الاستخدام المدني، ففي العام 1990 تحديداً وأثناء تصوير فيلم “Kindergarten Cop” في ولاية أوريغون الأمريكية؛ شاهد أرنولد سيارة للجيش من مركبات “همفي” العسكرية الجديدة آنذاك، ولقد أُعجب أرنولد بالمركبة إلى حدٍ كبير دفعه للتواصل مع الشركة المصنّعة للمركبة والإلحاح عليها لصناعة سيارة مدنية مطابقة للمركبة العسكرية “همفي” أو مقاربة لها إلى حدٍ بعيد، وبعد عامين من الإصرار والإلحاح على الشركة؛ استطاع أرنولد أن يصطف النسخة المدنية من “همفي” في مرآب منزله؛ إذ كان قد استجابت الشركة لمطالبته وأصدرت سيارة هامر كنسخة مدنية من مركبة “همفي” العسكرية في العام 1992 دون أن توقف إنتاج مركبة “همفي” العسكرية.
لم يتم إطلاق اسم “هامر” على السيارة عبثاً؛ إذ كان مقارباً في لفظه وكتابة جزءه الأول من اسم المركبة العسكرية “همفي”، إلى جانب كونه معبراً عن الصلابة والقوة التي تقدّمها السيارة التي لم تكن تختلف كثيراً عن المركبة العسكرية فيما يتعلق بخصائصها وقدراتها ومزاياها، إلا أنها كانت تتفوق عليها فيما يخص الشكل والتصميم وعناصر الترفيه والراحة؛ إذ تمت إضافة ميّزات مثل مكيف الهواء وما إلى هنالك من أنظمة وعناصر الراحة والترفيه.
على الرغم من تألق سيارات هامر في العروض والأفلام السينمائية الكبرى مثل فيلم “Transformers” الذي ظهرت فيه إلى جانب مجموعة أخرى من السيارات، أضف إلى ذلك المتعة والأداء الاستثنائي الذي حققته للسائقين مع بداية ظهورها، إلا أنه كان هنالك بعض عوائق أو صعوبات الاستخدام والقيادة في المدينة التي اكتنفت سيارات هامر مع بدء إنتاجها من ذلك الحجم الكبير الذي كان يحتاج مساحة واسعة للشارع، والانبعاثات الكثيفة التي تطلقها السيارة.
هامر بين مدٍ وجزر
شهد العام 1999 محطة مفصلية مهمة من محطات تاريخ سيارات همر الذي لم يتخطى حاجز العشر سنوات حينها، إذ اشترت شركة جنرال موتورز حقوق تصنيع وإنتاج سيارات هامر عادةً ذلك فرصةً لتوسيع نطاق علامتها التجارية آنذاك، ولقد قامت جنرال موتورز بإطلاق اسم H1 على سيارة هامر المعروفة، كما أصدرت في غضون سنوات طرازاً آخر من السيارات باسم H2 واستمرت على نحوٍ جيد من النجاح إلى أن بدأت المبيعات بالانخفاض والهبوط تدريجياً، لتطلق جنرال موتورز في العام 2005 طرازاً جديداً من السيارة باسم H3، وهو الذي كان أصغر حجماً وأقل أداءً وسعراً من طرازيّ هامر الآخرين، مما ساعد على إنقاذ هامر من ناحية، فيما أثار ضجة وموجة من الاعتراضات من قِبل جمهور السيارة الذي طالب بالحفاظ على سِمات سيارات هامر المعهودة، ما دفع الشركة إلى الاستجابة إلى المطالبات بطريقة مدروسة بعد سنتين من إطلاق H3 عبر إجراء بعض التعديلات في الطراز بما يضمن رضا الأغلبية، وبالوصول إلى العام 2009 الذي كان امتداداً للأزمة المالية العالمية التي تمخض عنها إفلاس شركة جنرال موتورز؛ كان قد توقّف إنتاج سيارات هامر إلى جانب كلاً من سيارات بونتياك وساتورن اللتين كانت تنتجهما الشركة كذلك، الأمر الذي وضع نقطة في تاريخ سيارات همر الاستثنائية والفريدة إلى إشعار آخر.
أسباب توقف الإنتاج
لم يأتي إيقاف إنتاج سيارات هامر من فراغ، إنما كان نتيجة للعديد من العوامل التي ساهمت في ذلك بمعزلٍ عن إفلاس شركة جنرال موتورز في تلك الأثناء وعودتها إلى النشاط بعد حين، وفيما يلي سردٌ لأبرز هذه العوامل والأسباب التي أدت إلى انخفاض الطلب على سيارات هامر من ثم وقف إنتاجها:
الحجم الكبير
في حين أن الحجم الكبير لسيارات هامر كان عاملاً من عوامل نجاح السيارة وشهرتها في العالم؛ إلا أنه كان أحد عوامل الإخفاق كذلك نظراً للحاجة إلى المساحة الكبيرة لدى سير هامر في الطرق العامة أو اصطفافها في مواقف السيارات، وما إلى هنالك من مشكلات الحجم الكبير التي أسهمت في ضعف الطلب على السيارة.
استهلاك الوقود
تحتاج سيارات هامر إلى قدرٍ كبير من الوقود دون أدنى شكٍ في ذلك، حتى أن الأمر أصبح مثار للسخرية في بعض الأحيان بالحديث عن حاجة السيارة إلى محطة وقود متنقلة تجرّها خلفها، بالتزامن مع الارتفاع المستمر لأسعار الوقود حول العالم؛ فلم تلبي سيارات هامر مصلحة وتطلعات روّاد السيارات من هذه الناحية، ما أسهم بالعزوف عن اقتناء سيارة الهامر وضعف الطلب عليها.
السعر المرتفع
كانت سيارات هامر باهظة الثمن بالمقارنة مع غيرها من السيارات، والسبب في ذلك عائدٌ على ارتفاع تكاليف الإنتاج بناءً على المزايا والخصائص الاستثنائية التي تتضمنها السيارة، وبالتالي فلم يكن بمقدور سوى فئة صغيرة من الجمهور شراء السيارة واقتناءها وتحمل تكاليفها ومصاريفها، وعلى الرغم من تخفيض جنرال موتورز لسعر هامر عبر إطلاقها طراز H3؛ إلا أنه لم يكن الإبقاء على طرازٍ واحدٍ من السيارة والاستمرار بإنتاجه دون غيره، ثم إن السيارة ستفقد روحها وجوهرها في حال تقليص إمكاناتها ومزاياها وحجمها، أضف إلى ذلك أنه مع عودة جنرال موتورز على قدمٍ وساق من مخاض الإفلاس؛ فلم تكن قادرة على تحمّل تكاليف الإنتاج الضخمة لسيارة هامر دون أن تكون واثقة من تحقيقها للعائد الضخم منها.
غزارة الانبعاثات
مع تنامي الوعي البيئي في العالم؛ فإن أصابع الاتهام أصبحت تشير إلى سيارات هامر بوصفها إحدى مسببات الانبعاثات الضارة نظراً لانبعاثاتها المفرطة الناتجة عن حجمها والقدر الكبير الذي تحتاج إلى حرقه من الوقود للسير وفقاً لآلية عملها.
عودة هامر
لم تنتهي قصة سيارة همر عند هذا الحد، ولم تنطوي صفحات تاريخ سيارات همر بنقطة التوقف المؤقت تلك؛ فبعد 11 عاماً وفي العام 2020 تحديداً؛ أعلنت شركة جي أم سي التابعة لجنرال موتورز عن إطلاقها سيارة هامر جي أم سي EV الجديدة كلياً، لتكون أول سيارة هامر كهربائية بالكامل، مما عالج كافة مسببات تراجع وإيقاف إنتاج سيارات هامر؛ إذ وضعت هامر الجديدة حداً منيعاً للانبعاثات، وأطلّت بحجم أصغر نسبياً من سابقاتها، ذلك إلى جانب صولة من التحسينات التي أظفرت سيارات هامر بتجربة قيادة أكثر كفاءة على الطرق الوعرة والمنحدرات، أضف إلى ذلك العديد من الخصائص والميزات مثل نظام التوجيه الرباعي “كراب ووك” الخاص بسيارة هامر الجديدة والذي يمنحها قدرة أكبر على المناورة خصوصاً في الطرق الوعرة، إلى جانب “نظام الاستخراج” أو “نظام الارتفاع” الذي يسمح للسيارة بالارتفاع لنحو 6 بوصات فوق ارتفاع الركوب العادي باستخدام نظام تعليق رياضي متطور، وذلك في سبيل تفادي السيارة للعقبات التي قد تواجهها في طريقها والتجاوز عنها بواسطة هذا الارتفاع، أضف إلى ذلك العديد من الخصائص والمميزات التي تتضمنها سيارة هامر جي أم سي EV التي خطّت سطراً جديداً من تاريخ سيارات همر وأعادتها مرة أخرى لتكون واحدة من أكثر السيارات فرادة وتميزاً في العالم.
بهذا نكون قد قدّمنا لك في هذا المقال معلومات وافية وشاملة عن سيارات هامر، وأوجزنا لك تاريخ سيارات همر منذ الانطلاقة الأولى في العام 1992 إلى عامنا الحاضر الذي وصلت فيه هامر إلى عامها الـ30، إذا كنت ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات وقراءة العديد من المقالات الشيّقة عن عالم السيارات؛ فإننا ندعوك لتفقّد مدونة دوبيزل للسيارات والبقاء على اطّلاع بكل جديد.